Saturday, September 27, 2008

الإصلاحيون الفاشست




الإصلاحيون الفاشست
و
مسوح البراءة الكاذبة
.
صديق عبد الهادي / فلادلفيا

علها اصبحت ملحوظة ظاهرة إنبراء عدد من الاقلام الإسلاموية، هذه الايام،للكتابة عن المشروع الإسلاموي المأزوم و الآفل. و هي اقلامٌ تُصنف علي انها "اقلامٌ معقولةٌ، و أن حملتها "إصلاحيون"!!!. و يمثل ذلك بشكلٍ جليٍ د. تجاني عبد القادر ، و د. عبد الوهاب الأفندي. إن كتاباتهما ، و للحقيقة ،لا يمكن باي حال من الاحوال تجاهلها أو حتى المرور عابراً عليها، لأنها كتابات شيقة ، و لا شك عندي حول ذلك. هذا من جهة ، أما من الجهة الأُخرى، فإنها تكشف بعضاً يسيراً من حقيقة تنظيمٍ فاشستي. كما و أنها في نفس الوقت تحاول جاهدةً إخفاء و تمرير المشروع الأكثر خطورة ، و هو الحفاظ علي المشروع الاسلاموي و تعزيزه و ذلك بإحياء كل جوانبه حتى تلك الأكثر ظلاميةً!!!.

تناول بعض الكتاب الوطنيين هذه الظاهرة كاشفين بعضاً من سوء مقاصدها و بؤس نزوعها إلي خلق حالةٍ من التبرير عامة ، ترمي في أقل مستوياتها و ادناها، إلي إعطاء مشروعية فقدها ذلك المشروع الهدام الذي خبره الناس في السودان في اكثر صوره جلاءاً و لفترة تقارب العقدين من الزمان او تكاد. و من اولئك الكتاب الذين أشاروا لتلك الكتابات الإسلاموية التبريرية د. حيدر إبراهيم ، صاحب القلم الفذ ، الذي لا يسعك إلا أن تحترمه و تقدر قوله حق تقدير لأنه واحدٌ من نفرٍ قليل تميزوا بنفاذ البصيرة.

في هذا المقال ، سأحاول أن ابين و بالإستناد الي كتابة د. تجاني و د. الافندي جملة امور :

أولاً / إن من أرأس الدوافع لكتابات الإسلامويين الناقدة لمشروعهم ، و التي طفحت علي السطح هذه الايام ، هو أن هذا المشروع الاسلاموي لم يـُستدع لتنفيذه و الإستئثار به سوي قلة مختارة ذات حظوة "تنظيمية" ، رغم ان الذين أُستبعدوا لم يعوذهم الإيمان العميق به!!!. حاول د. تجاني تلخيص الحالة في إختياره لتقسيم الاخوان في الحركة الإسلامية إلي "إخوانٍ كبار" ، و "إخوانٍ صغار" ، جاعلاً نفسه من "الصغار" تسويقاً لدورٍ "إصلاحي" يمرره علي العامة!!! و التبني المبطن لذلك التقسيم يُستشف من منحى د. الافندي في كتابته، و كذلك من كتابة المحبوب عبد السلام، و هو تقسيمٌ لم يسعف و لم ينقذ د. الافندي تحديداً من مصيدة " اللغة الخاصة"!!!.

ثانياً/ إن تلك الكتابات الناقدة هي ليست محاولة للنجاة من مركبٍ يتهاوى في لجة المجهول ، و إنما علي العكس تماماً، فهي محاولة لانقاذ المركب بمنْ فيه و تثبيته و مساعدته للإبحار برغم " الكوارث الإسلامية" علي حد قول د. تجاني، و برغم مما يحاصر الوطن من حرائقٍ و خرابٍ و عصفٍ كاسرٍ نتيجة لفرض ذلك المشروع.

ثالثاً/ قد يكون أن اصبح أولئك الكتاب مهمشين داخل التنظيم ، و لو بقدرٍ متفاوت ، إلا ان ذلك لا ينفي ، بأية حالٍ من الأحوال ، كون أنهم جزءٌ اصيل ، و فاعلون حقيقيون و مساهمون أساسيون في كل ما جره ذلك التنظيم الفاشستي من ويلاتٍ و دمارٍ للبلاد . لا يمكنهم ، علي كل حال ، أن يضللوا الرأي العام العالمي عامةً و السوداني خاصةً بتلك الكتابات المغلفة بمسوح البراءة الكاذبة علي أمل قبول الناس لفرية أن هناك أيادٍ نظيفة كانت داخل الجبهة الاسلامية القومية، و ما زالت !!!.
و هذا بالطبع ما سنحاول الاتيان بنقيضه.

بدايةً ، لم يكن هناك أي خلافٍ حول المشروع الاسلاموي الاساس داخل الحركة الإسلامية ، و إنما كان الصراع حول النفوذ الشخصي و المناصب، و تلك أدوات مطلوبة لاجل حسم صراع المصالح ، و كذلك لاجل تحديد منْ هو الاقدر تنفيذاً لذلك المشروع ، و الذي يرتكز في مجمله علي عداء الآخر و إستئصاله!!!.
وضح من كتابات الإصلاحيين إهتمامهم بالخلخلة الداخلية التي أصابت تنظيمهم ، و اهتمامهم بالزلزلة التي هزت اركانه ، و ضعضعت بنيانه، أكثر من أن يكونوا معنيين بما فعلته الحركة الإسلامية بالشعب و بالوطن. فهم في واقع الأمر غير معنيين ، أو بالأحرى لا يقع في دائرة نقدهم ما ترتب علي محاولة الحركة الإسلامية القسرية لإنجاز برنامجها الكارثي !!!. إن تأكيد ذلك يجيئ من الرسائل التي يبعثون بها من خلال كتاباتهم حيث تذهب في إتجاهاتٍ محددةٍ ، و لخدمة أغراضٍ معروفةٍ و فوق كل ذلك لاجل إنجاز أدوارٍ مخططةٍ مسبقاً !!!، و لكنها رسائل محاصرة بالتناقض في ذات الوقت ، فمثلاً ، يكتب د. تجاني " هذه هي الوقائع الثلاث الرئيسة التي قدمت في ضوئها تحليلاً لمرحلة من مراحل النزاع بين الإسلاميين في السودان، و تبين لي فيها أن موقع "رئاسة الجمهورية" كان واحداً من أهم محركات النزاع، و أن ذلك النزاع لم يكن في بداياته نزاعاً حول المبادئ أو القيم أو الدستور أو الحريات أو "القضايا الأصولية و الإنسانية" كما اراد البعض أن يصوره" ( و يسألني الشيخ السنوسي ـ المقال (1)ـ ) . هذه رسالة موجهة الي منتسبي و مؤيدي الحركة الإسلامية ، و هي تتضمن تلميحاً إلي أن الحركة الاسلامية ما زالت تختزن قدرة الإلتئام و اسبابه ، طالما أن لا خلاف حول المبادئ!!!.

و لكن لننظر من الجهة الثانية حيث يكتب د. الافندي ، "و قد رأينا في الآونة الأخيرة أن الأمر يتعدى الحرب علي اي حركة إسلامية مستقلة إلي محاصرة ما يسمى بـ الحركة الإسلامية ، الجهاز الذي أنشأه المؤتمر الوطني الحاكم ليكون ذراعه الإسلامية في أكثر الإعترافات صراحة من المجموعة الحاكمة بأن الخيار الإسلامي لم يعد الحاكم لتوجهاتها ، و إنما هو إهتمام جانبي تشغل به بعض أنصارها،"( معضلة السوبر ـ تنظيم ، مقال منشور في جريدة القدس العربي بتاريخ 28/11/2006 م ـ سودانيز اون لاين ). هكذا يأتي د. عبد الوهاب الأفندي لمخاطبة عامة الناس موحياً بأن ما يجري الآن ليس هو المشروع الاسلامي !!!، و لكأنما هناك مشروعٌ مغاير تمّ التخلي عنه !!!. نحن نقول ، أن الذي يجري الآن هو المشروع الذي بشرت به الحركة الإسلامية لأكثر من نصف قرن ، و هو في نسخته الأصلية ، و ليس هناك من خلافٍ بين مجمل فرقاء الحركة الإسلامية حوله ، أو " حول المبادئ أو القيم أو الدستور أو الحريات أو القضايا الاصولية و الإنسانية "، التي يتبناها المشروع الاسلامي ، كما ذهب د. تجاني ، و لنا ان نقول ايضاً ، او في حقيقة الأمر ان نتساءل ، هل كانت هنالك من مبادئ للحركة الاسلامية عبر تاريخها الطويل غير أن تجعل من " الحاكمية لله" و "لا بديل لشرع الله" سوي إهتماماتٍ جانبية تشغل بها أنصارها و العامة من الجهلة ؟!.
فهذه كتاباتكم و تناقضاتكم تحاصركم !!!.
إن الامر الأساس الذي تؤكده كتابات الإصلاحيين الإسلاميين ، هو انهم علي غير إستعدادٍ ، بالإطلاق، لنقد تجربتهم او ما سببوه من أذى للشعب و للوطن، فهم قد يتلاومون فيما بينهم ، كما أشار د. حيدر إبراهيم، إلا أن الشجاعة تعوذهم و تأخذهم العزة بالإثم و المكابرة، و في احيانٍ كثيرة يتناولون الأشياء و ينظرون إليها من خلال ثقبٍ متوهم في الذاكرة الجمعية للشعب !!!، فمثلاً لنرى كيف يدافع د. تجاني عن نفسه في وجه أحد " اخوانه الكبار" ـ إبراهيم السنوسي ـ ، قائلاً ، " ثم أنني لم أكن غائباً عن السودان بالطريقة التي يوحي بها مقاله، فقد شهدت سنوات الإنقاذ السبع "الصعبة" الأولى (1989ـ 1996)، و شاركت في كل الإجتماعات التي كان مسموحاً لنا بالمشاركة فيها ، و إلتقيت بمعظم المسئولين العسكريين و المدنيين الذين كان متاحاً لنا أن نلتقي بهم ، ليس مجرد لقاءات عابرة ، و إنما عملت و تعاملت مع الكثيرين منهم ، و إطلعت علي كثير من الوثائق و شاركت في مناقشة بعضها" (نفس المقال المذكور اعلاه ).
يعلم كل الناس أن هذه السنوات التي صنعت و تصنع مجد د. تجاني عبد القادر و تزيد سيرته " الجهادية" و "السياسية" نضارة ، هي في تاريخ السودان الحديث ، و في سجل حقوق الإنسان العالمي اكثر سنوات الإنقاذ و حشيةً و دمويةً و تجاوزاً!!!. و هي السنوات التي رُفِعت فيها أعمدة "بيوت الأشباح" سيئة السمعة، و هي كذلك نفس السنوات التي قضي فيها كثيرٌ من ابناء و بنات الشعب تحت التعذيب !!!، الشهيد د. علي فضل ، الشهيد محمد عبد السلام ، الشهيد عبد المنعم رحمة ، الضباط شهداء رمضان ، و آخرون. و هنا نتساءل هل يمتلك د. تجاني شجاعة المثقف الإسلامي " القوي الأمين" ، لأن يعتذر ، و بقدر التباهي الذي يملأ جوانحه بفضل جليل اعماله في تلك السنوات ، لأسر اولئك الشهداء ؟!!!. لا أعتقد أنه أو أيٍّ من الإصلاحيين بفاعل !!!.

ففي سياق النقد الذي يقدمه الإصلاحيون ، و كأنه إكتشافٌ خارق و مدعاةٌ كافية لوصفهم بأنهم خرجوا علي المألوف ، و جاءوا بما لم يكن متوقعاً يكتب د. عبد الوهاب الافندي عن السيوبر ـ تنظيم الإسلامي و فساده ، قائلاً " الفساد هو ايضاً ليس بتطورٍ جديد كما يسعى بعض منتقدي الحكومة من الإسلاميين (سابقاً) لإيهامنا ، لأن الفساد يعتبر جزءاً اساسياً من هيكلية السيوبر ـ تنظيم . فالحديث عن الفساد بالنسبة للتنظيم السري الذي لا يحاسبه أحد لا معنى له ، لأن كل ما يفعله ذلك التنظيم هو مشروع عنده و فساد موضوعياً. فهو يجمع الأموال من مصادر مجهولة و يوزعها في مصارف يقررها هو . و قد إستفاد كثير من قادة التنظيم من هذا الفساد، إما مباشرة عبر تمويل التنظيم لنشاطهم أو حتى حياتهم الشخصية ، او عبر وضعهم في مناصب لم يكونوا أهلاً لها ، أو إيثارهم بالعقود إن كانوا من رجال الأعمال . و قد كثرت منذ الانقلاب الشركات و المؤسسات التنظيمية و الحكومية و شبه الحكومية التي اثرى كثير من أهل الولاء من العمل فيها". ( مقال الافندي المذكور سابقاً).

قبل الدخول في تناول مسألة "الفساد الإسلاموي" ، لابد من الإنتباه إلي حقيقة ان د. الافندي يحاول " إيهامنا" ، و بطريقة اكثر سوءاً من تلك التي حاول " الاسلاميون السابقون" "إيهامه" بها في شأن الفساد!!!. فليتصور أي قارئ عادي أن إصلاحي في "قامة " د. الافندي و بعد كل هذه السنوات "الجهادية" الطويلة في خدمة الحركة الإسلامية السودانية لا يعرف المصادر " المجهولة" لتمويل السيوبر ـ تنظيم ؟ و حتى ، علي أقل تقدير، بعد اصرار " الإنقاذ" علي حقيبتي " البترول" و "المالية"؟!!!، بالقطع ذلك امرٌ لا يمكن تصديقه. و لكن لندع كل ذلك جانبا، و لنذهب إلي الجذورً.

بادي ذي بدء ، إن التنظيم السري للجبهة الاسلامية هو في حقيقة الامر نتاج الفساد المزمن و ليس سبباً له، أي ان خلق ذلك التنظيم السري الفاسد أملته ضرورة ممارسة الفساد الضاربة الجذور في التنظيم الاسلامي الاساس ، و الضاربة الجذور كذلك في الحركة الإسلامية الام .
فبعد المصالحة التي أبرمتها مع نظام الديكتاتور جعفر النميري في نهاية السبعينات ، لم تتعامل الحركة الإسلامية السودانية مع السودان بإعتباره وطناً ، و إنما تعاملت معه كون أنه دار "غنائم" !!! فما أن وجد الإسلاميون مرفقاً عاماً ، و بابه مفتوحاً حتى ولجوه و غمسوا ايديهم حتى المرفق!!!. فالمؤسسات المالية و الاقتصادية الاسلامية قامت ، عند بداياتها بعد تلك المصالحة ، علي قاعدة عريضة و متينة من الفساد المقنن، حيث أننا نجد أنه لم تحظ أي مؤسسة عامة كانت أو خاصة بما حظيت به مؤسسات الحركة الاسلامية المالية من تلك المعاملة السيوبر ـ خاصة . لقد تمتعت تلك المؤسسات ، و علي رأسها بنك فيصل الإسلامي ، بالإمتيازات التالية علي سبيل المثال لا الحصر:
أولاً / إعفاء اموال تلك الشركات من جميع أنواع الضرائب.
ثانياً/ إعفاء مرتبات و أجور و مكافئات و معاشات العاملين و أعضاء مجالس الإدارات.
ثالثاً / التمتع بأي إعفاءات أو إمتيازات منصوص عليها في أي قانون آخر.
رابعاً / لا يجوز مصادرة أموالها أو تأميم أو فرض الحراسة أو الاستيلاء عليها.
خامساً / و لا تنطبق عليها القوانين التالية :
* القوانين المنظمة للخدمة و فوائد ما بعد الخدمة،
* قانون ديوان المراجع العام لسنة 1970 ، أو أي قانون آخر يحل محله.

و برغمه، فهذه هي جذور الفساد القريبة و ليست البعيدة ، و التي تمت بشكل مباشر لاستخدام العلاقة السياسية" المشبوة" و الفاسدة بجهاز الدولة و مصادر القرار فيه !!!.

إن التنظيم السري الإسلامي و فساده الذي إكتشفه د. الافندي ساعة صحوٍ مفاجئ ما هو إلا محطة صغيرة في طريق الفساد الإسلاموي ذو التاريخ العريق.

ما يأخذ المرء بالدهشة أن الإصلاحيين الإسلامويين يكتبون بإطمئنانٍ شديد و كأنهم علي الضفة الأُخرى من النهر ، و لكن حتى الذين شح نصيبهم من الذكاء يعلمون ان الإصلاحيين الإسلامويين يقفون علي هذه الضفة من النهر ، وسط الحركة الاسلامية لا خارجها، و ان هذه الإكتشافات التي يجهدون في تسويقها للعامة ما هي إلا هُراء و حلقة أُخرى من حلقات " الإستغفال" و" العبط" السياسي الذي ترجع اصوله إلي المأثرة الإسلاموية التاريخية ،" فلأذهب أنا إلي كوبر حبيساً ، و لتذهب أنت إلي القصر رئيساً"!!!.
إن الإصلاحيين الإسلامويين يطلعون ، الآن ، بنفس الدور الذي لعبه إعلام و صحف الجبهة الإسلامية القومية إبان فترة الديمقراطية الثالثة ، و إن كان علي نحوٍ مغايرٍ .
إن إعلام الجبهة الإسلامية القومية و صحفها و كتابها لعبوا دوراً مدمراً في النيل من التجربة الديمقراطية ، حيث بخسوا قيمها، و حطوا من قدرها و قدر رموزها، و رموها بسام سهامهم و اغرقوا مركبها ، و من ثم توجوا سعيهم المعادي ذلك بالإنقلاب عليها عسكرياً. أما الإصلاحيون الإسلامويون فيحاولون ، الآن ، إنقاذ مركب الحركة الإسلامية المتأرجح ، لا الخروج منه أو القفز من علي ظهره . لقد خلت كتاباتهم من أي بادرة للأسف أو الندم علي ما فعلته حركتهم في حق الأفراد ، و الشعب و الوطن . إنهم بكتاباتهم هذه، و بمسوح البراءة الكاذبة التي يبدونها إنما يُجمِّلون وجه حركتهم الإسلاموية، و يحاولون أن يجدوا لها بعضاً من موقعٍ و قدرٍ في عيون الناس.

إن الإصلاحيين الإسلامويين مطالبون بأن يتحلوا بالشجاعة اللائقة ليقروا بخطأهم في حق الشعب أولاً ، و ليس في حق تنظيمهم، و أن يعتذروا عن جرائمهم ، لأنه و بالنسبة لشعب السودان و ضحاياه أن "الأخوان الكبار" و
" الأخوان الصغار" يقفون علي قدم المساواة في هذا المقام.

Tuesday, August 5, 2008

التحالف الديمقراطي بامريكا: فليذهب كل متهم للقضاء ,, و كل من اجرم الي مزبلة التاريخ

فليذهب كل متهم للقضاء ,, و كل من اجرم الي مزبلة التاريخ

نقول بوضوح:

* البشير ليس السودان .. و الوطن قد كان و سوف يكون

* الحل في الإنتقال العاجل لدولة الديمقراطية و القانون و رد حقوق شعب دارفور
*البشير و المؤتمر الوطني لا يملكون حلا ، بل سيواصلون توسيع الازمة
* البديل يوجد : خارج إطار المؤتمر الوطني بإنجاز التحول الديمقراطي و تطوير صيغة نيفاشا

.. وصدق من قال إن الامور بأسبابها ، و النتائج بمقدماتها. إنه ذلك الإنقلاب المشؤم في 30 يونيو 1989 ، وهي المحصلة النهائية لجرائم و اطماع جماعة الجبهة الاسلامية وصنوها الحاكم اليوم باسم
المؤتمر الوطني .

الان قد وصلت بلادنا الي شفا الهاوية ، و صار رئيسها - رئيس الامر الواقع - ، مُلاحقا جنائيا ( و فاقدا
حتى لتلك الشرعية الزائفة) ، بينما طاقمه الحزبي – الحكومي يرقص في عبث (رقصة الصحاف السقيمة)
.. ذلك التدليس و غياب العقل ، الذي لخصته دراما الساعات الاربعة بين آخر الاكاذيب المذاعة فضائيا و بين و صول الفرقة الثالثة مُشاة و جحافل الاطلسي الي قصر الرئاسة في بغداد.

.. " إنها رقصة الموت التي تدق طبولها الآن في خرطوم حكومة الإنقاذ المنهارة علي كافة الاصعدة "

بصدور القرار الاممي – التراكمي 1953/2005 ، و الذي بدأ بموجبه (لويس اوكامبو) اشغاله القانونية – الاحترافية الدقيقة ، فقد تأكد بأن السودان قد صار في مدى بصر الشِرعة و القانون الدولي ، و في قلب عاصفة التطورات العالمية و الاقليمية . غير أن جهلاء المؤتمر الوطني ، مدمني النهب و (الاستهبال) ، قد حسبوا الامر مجرد مآرب بترولية ، و بعضا من الاعيب السياسة الدولية ، حسبوه بقول اهل السودان ، ( لعبا .. شليل ، ترتارا و قيرا ) ، فواصلوا علي المدي 2005 – 2008 :

- القتل المفتوح و القاصد عرقيا ، الطرد و التهجير و نزع الاراضى بالقوة و إعادة التوطين وفقا لخارطة عرقية مرسومة و جاهزة
- الاغتصاب الواسع المنظم للنساء و الصبايا بهدف الإبدال الإثني – الديموغرافي
- حرق القري و المزارع ، و إهلاك السائمة و تسميم الآبار ، ودك المدارس و المساجد و فوق ذلك منع وصول الأغاثة للمعتصمين بالمعسكرات و الملاذات الآمنة
- الألتفاف علي اتفاقية نيفاشا و ابوجا و القاهرة ، و ضرب كل فرص التحول الديمقراطي الحقيقي
بل مواصلة القمع و الملاحقة و تقييد الحريات و اطلاق ماكينة الاستبداد الحزبي و الامني

.. و للحق ، فإن ما فعلته جماعة الاستعلاء الايدلوجي – العرقي الحاكمة في الخرطوم بحق الفور
و الزغاوة و المساليت و بقية القبائل ذات الاصل الافريقي ، قد فاق ما فعله الانكشارين الاتراك في حق الارمن ، و بز ما إرتكبه الهوتو من تطهير و إمحاء عرقي في حق التوتسي برواندا !

عبر ثلاث سنوات من الرصد الدقيق ، و التقصي الصبور ، و إقامة الادلة الحاسمة – الداعمة ، والتي
تراجعت و إنفضحت امامها كل التغطيات و المناورات و جرائم التقتيل الخفي المنظم ، لم يجد (أوكامبو) صعوبة في :

- تسمية ما يجري بانه إبادة بشرية صريحة ، و جرائم حرب في اسطع و ابلغ صورها
- حشد (اوكامبو) اكبر قدر من الشهود الخلوص – العدول ( من بين المئات إختار 180 شاهدا فقط ) ، و جهز ارتالا من الوثائق و الصور و التقارير الدامغة
إذن قضية اوكامبو مع البشير هي قضية جنائية من الطراز الاول غير المسبوق دوليا !

.. و لو اراد علي عثمان و قوش و سبدرات و جوقة المنتفعين ، و اتباع بن لادن المتمترسين في بعض الفضائيات و الصحف القول بان السودان ليس عضوا في محكمة و إتفاقية روما ، و إنها قضية سياسية ، و استهداف لاسد العروبة و الاسلام (الانقلابي عمر البشير) ، و لماذا لا يلاحق اوكامبو بوش و بلير .. ، فإنه و للحق سيكون ذلك نفس التاريخ الذي يعيد نفسه منتقلا من وادي الرافدين الي وادي النيل الجنوبي ليسطر المأساة و المهزلة معا .

الان قد جد الجد في ساحة الصراع الوطني – السياسي ، و صار واقع السودان مفتوحا
علي كل الإحتمالات ، و مع ذلك فالحق ابلج و الباطل لجلج ، و كل نفس بما كسبت رهينة . سيناور البشير و لن يتنازل ، سيواصل المؤتمر الوطني القتل و النهب و القمع و التحضير لتزوير الانتخابات ليقول البشير لباكي مون و اكامبو : هاهو الشعب معي .

للحق لن يرعوى البشير ، و واهم من ينتظر حلا من داخل معسكر الحكومة ، و في المقابل سيواصل اوكامبو و خلفه الشرعية الدولية و قانونها الماضى زحفه .

.. في هذا المنعطف التاريخي الحاسم بل و الخطير في تاريخ امة السودان ، فإننا ندعو بالصوت العالي الي :

* وحدة كافة قوى المعارضة و التحول الديمقراطي و قوى النضال القومي في جهات البلاد و اطرافها الاربعة ، وطرح برنامجا واضحا و مباشرا و شجاعا للخلاص الوطني
* تجاوز ألآعيب و مناورات المؤتمر الوطني ، و هجر تجمعاته و دعواته ، و بناء مركز موحد قوي و فعال و ذو اثر يومي لقوى الخلاص الوطني

* طرح المخرج البديل من مواقع الشعب و قوى التحول الديمقراطي ، فعقلا و منطقا لا يوجد بديلا او مخرجا بطرف رجل ملاحق جنائيا و منتهكا لمواثيق و اتفاقيات وطنية و دولية و قاضيا سحابة يومه في الكذب و التمرغ في اموال بترول الشعب

.. و قبل كل ذلك و فق كل ذلك تهمنا سلامة و امن شعب دارفور .. نحني راسنا إجلالا و تأدبا امام شيوخه و نسائه و اطفاله و كل مظاليم قوى الهامش ، إذ انه بصبرهم و صمودهم و وضوح رؤيتهم صار ضؤ العدالة و مستقبل دولة القانون متبديا في نهاية ذاك النفق السوداني السحيق ..

المجد لشعب السودان ، لقوى التحول الديمقراطي ، و لكل قائد وطني نزيه و شجاع
ذي بصيرة و مبادرة

التحالف الديمقراطي بامريكا - يوليو 2008

Tuesday, July 15, 2008

حول قرار المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية

تاج السر عثمان
قرار مدعي محكمة الجنايات الدولية هو نتيجة منطقية
لممارسات نظام الانقاذ السابقة
في يوم الاثنين: 14/7/2008م، وجه المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية: اوكامبو في مؤتمر صحفي بمقر المحكمة الجنائية الدولية بلاهاى، ثلاث تهم للرئيس البشير ادعي انها ارتكبت بحق قبائل الفور والمساليت والزغاوة تتعلق بتطهير عرقي واغتصاب وتعذيب، واعلن أن عدد الضحايا الذين تم تشريدهم من ديارهم يقدر ب 2,5 مليون، وأشار الي أن 35 ألف قتلوا بشكل مباشر ، وان ما بين: 80- 265 الف ماتوا ببطء بعد أن شردهم القتال، وأوضح ان قرار الابادة من الرئيس البشير بدأ في العام 2003م، عندما أمر الجيش بعدم الابقاء علي أى اسير أو جريح بنية الابادة الجماعية. ووصف اوكامبو ان ماقام به البشير، بأنه جريمة ابادة جماعية متعمدة، وطالب بتوقيف البشير وحظر ارصدته
وممتلكاته وتقديمه للعدالة.
ماهي تداعيات هذا القرار؟.
لايمكن النظر في هذا القرار بمعزل عن تطورات الاحداث في السودان منذ الانقلاب المشئوم الذي قامت به الجبهة الاسلامية بقيادة عمر البشير في 30/يونيو/1989م، والذي اوقف الحل السلمي الداخلي الذي كان جاريا بعد اتفاق الميرغني – قرنق، واشعل حربا دينية تعدت حرب الجنوب لتشمل الشرق ودارفور، وما تبع تلك الحروب من مآسي وابادة وقضاء علي الحرث والنسل. اضافة لمصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية وتشريد الالاف من اعمالهم واعتقال وتعذيب الالاف من المواطنين، وتعذيب بعضهم حتي الموت مثل: الشهيد د.علي فضل وعبد المنعم رحمة وابوبكر راسخ... الخ، اضافة لاعدامات مثل: اعدام قادة انقلاب رمضان في ليلة عيد الفطر!!!، حل النقابات والاحزاب السياسية وتدمير كل مؤسسات المجتمع المدني. ونهب القطاع العام واموال الدولة، وتحويلها لفئة قليلة من اثرياء الجبهة الاسلامية التي اتخذت اسم المؤتمر الوطني، والذي انشق الي: وطني وشعبي. كما رفعت الدولة يدها عن التعليم والصحة وبقية الخدمات ودمرت القطاعين الصناعي والزراعي، وحتي بعد استخراج البترول لم تذهب عائداته للتنمية الزراعية والصناعية ولخدمات التعليم والصحة وبقية الخدمات(مياه، كهرباء.الخ)، كما ارهقت الدولة كاهل المواطنين بالضرائب الجبايات، حتي تزايدت حدة الفقر والاستقطاب الطبقي، حيث وصلت نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر 95% من الشعب السوداني، ونشأت رأسمالية طفيلية نهبت اصول القطاع العام وعائدات البترول وركزت السلطة والثروة في يدها، وانتشر الفساد بشكل لامثيل له، حتي تم تصنيف السودان في قائمة الدول الاكثر فسادا في العالم.
ونتيجة لضغط الشعب السوداني وضغط المجتمع الدولي، تم توقيع اتفاقات: نيفاشا، القاهرة، ابوجا، والشرق..الخ، ولكن المؤتمر الوطني ماطل في تنفيذ استحقاقات تلك الاتفاقات، واستمر يحكم بالعقلية الشمولية السابقة، وضرب بالاتفاقات وقرارات المجتمع الدولي عرض الحائط، وطغي في البلاد واكثر فيها الفساد، واتجه للحل العسكري لقضية دارفور بدلا من الحل السلمي حسب توصيات مؤتمر الفاشر 2003م، وكانت النتيجة تلك المأسأة والجرائم، والتي تطلبت المساءلة، علما بان قرار اوكامبو الاخير لم يكن مفاجئا، منذ أن اصدرت الامم المتحدة ممثلة في مجلس القرار 1593، باحالة ملف انتهاكات دارفور الي المحكمة الجنائية
.
والواقع أن نظام الانقاذ هو المسئول عن كل انتهاكات حقوق الانسان في السودان، والمسئول تبعا لذلك عن فقدان البلاد لسيادتها الوطنية.وبالتالي، فان قرار مدعي محكمة الجنايات الدولية هو نتيجة منطقية لممارسات نظام الانقاذ السابقة، فالانسان يحصد في النهاية ثمار عمله، ومن يزرع الريح يحصد العاصفة
.
وبدلا من اعلاء صوت العقل والتعاون مع المحكمة الدولية، يهدد نظام الانقاذ بنسف الاستقرار وتحويل البلاد الي صومال ورواندا اخري، اي مواصلة المزيد من ارتكاب الجرائم!!، والتي ايضا سوف تلاحقه المساءلة حولها ، طال الزمن أو قصر، المؤتمر الوطني يحاول ان يصور لنا، انه اما ان يستمر بالبقاء في السلطة او تدمير البلاد، مثلما كان يبشرنا نميري في السبعينيات من القرن الماضي البديل: اما نظامه أو الطائفية التي تدمر البلاد، كانما الشعب السوداني عاجز عن تقديم البديل، وذهب نظام نميري وبقي الشعب السوداني ، وسيذهب نظام الانقاذ ويبقي الشعب السوداني مواصلا نضاله من اجل الحرية والديمقراطية والوحدة والتنمية وتحسين احواله المعيشية.
اى أن التهديد بان قرار المحكمة الجنائية الدولية سوف ينسف استقرار البلاد ويحدث انهيار دستوري لاأساس له.
ولكن الخطر الحقيقي علي وحدة واستقرار البلاد اصبح من وجود المؤتمر الوطني في الحكم.
و يبقي السؤال ماهو الحل؟
لحل يكمن ف:
أولا: في الحل الشامل لقضية دارفور باعتبارها مشكلة سياسية قومية تحل في اطار قضايا السودان ككل، وباعتبار أن جوهر القضية ليست قبلية أو عرقية أو صراع حول حواكير..الخ، ولكن المشكلة يتم حلها في اعتبار دارفور اقليم واحد حسب حدود 1956م، وباعتبار أن لدارفور تاريخ منذ ان كانت سلطنة قائمة بذاتها، واعطاء الاقليم الحق في الحكم الذاتي مع اقاليم السودان الاخري(الشرق، كردفان، الشمالية، الجنوب، الاوسط، الخرطوم)، والتمثيل المتساوى في مجلس الرئاسة، اضافة للحل العادل لقضية الثروة والسلطة والتنمية المتوازنة بين اقاليم السودان المختلفة، ووقف اطلاق النار ونزع سلاح الجنجويد، وتقديم المجرمين عن التطهير العرقي للعدالة، ورجوع النازحين الي قراهم والتعويض العادل لهم.
ان اتخاذ هذه التدابير تسهم في نزع فتيل الازمة، ورجوع شعب دارفور الي وضعه الطبيعي كشعب منتج، عرف الاكتفاء الذاتي من الغذاء ومنتجات الصناعات الحرفية من عهود سلطنة دارفور، وبالتالي يتحرر اهلنا في دارفور من مذلة الاعتماد علي الاغاثات، رغم تقديرنا للمجتمع الدولي والمنظمات الانسانية التي وقفت مع شعب دارفور في محنته آناء الليل واطراف النهار، ووفرت له احتياجاته من الغذاء والكساء والدواء والماوى. ولكن المهم هو الاستقرار في الاقليم حتي ينعم شعب دارفور بثمرات السلام ويعود الي وضعه الطبيعي كشعب كمنتج.
وهذا يتطلب وحدة كل الحركات حول موقف تفاوضي واحد، والمؤتمر الدارفوري – الدارفوري الجامع حتي يتم الوصول لحل يتراضي عليه الجميع
.
ثانيا: التحول الديمقراطي والغاء كل القوانين المقيدة للحريات، وقانون انتخابات ديمقراطي يفتح الطريق امام انتخابات حرة نزيهة، تسدل الستار علي الشمولية من الحياة السياسية السودانية
.
ثالثا: تنفيذ الاتفاقات التي تم توقيعها، والتخلي عن سياسة نقض العهود والمواثيق التي كانت سببا في اعادة انتاج الازمة بشكل اعمق.
رابعا: ضرورة النهوض الجماهيري الواسع في الشارع، باعتباره الحاسم في قلب الموازين، وفي التحول الديمقراطي، وقطع الطريق امام مؤامرات المؤتمر الوطني لتمزيق وحدة السودان.
خامسا: تحسين احوال الناس المعيشية التي تدهورت بشكل لامثيل له في الآونة الاخيرة حيث ارتفعت الاسعار بشكل جنوني، مع ثبات وتدني الاجور، اضافة الي التنمية وتوفير احتياجات المواطنين الاساسية في التعليم والصحة والخدمات..الخ.
سادسا: رفع المظالم والضرر باصدار قرار سياسي بارجاع كل المفصولين من مدنيين وعسكريين.
ان اتخاذ هذه التدابير يمكن ان تفتح الطريق امام مصالحة وطنية حقيقية، يتم فيها رفع الضرر والمظالم، وتفتح الطريق امام وحدة البلاد وقطع الطريق امام المؤامرات لتقطيع اوصال البلاد وتحويلها لصومال أو رواندا اخري
.